تاريخ الأسمنت

استخدم القدماء في الماضي البعيد خليطا من الجير والطمي والرمل والماء في إقامة مبانيهم، فقد استخدمه قدماء المصريين بالفعل منذ ٢٦٠٠ عام، وأتقن الرومان صناعته خلال القرن الأول الميلادي حيث اكتشفوا أن إضافة التربة البركانية المأخوذة من منطقة بزولي، بالقرب من نابلس، تمكنهم من الحصول على خليط يصلح للتحكم في المياه الجوفية.
وقد أصبحنا نعرف الآن أن تلك التربة المأخوذة من بزولي، التي استخدم اسمها بقدر من التحريف (بزولان) ليطلق على ذلك الصخر السليكوني البركاني، تحتوي على نسبة ٦٠-٩٠٪ من الرمل، و ١٠-٤٠٪ من الجير، على حسب مصدرها. وتم بالفعل اكتشاف آثار قديمة في عدة مدن رومانية كبقايا الأسمنت الجاف تعود لتلك الحقبة التاريخية.

في عام ١٨١٧ كان المهندس الشاب لويس فيكات يعمل على الخصائص الهيدروليكية (المائية) لخليط "الرماد البركاني الجيري"، وكان هو أول من استطاع تحديد نسب الحجر الجيري والسيلكيا المطلوبة للحصول على خليط معين يمكن بعد حرقه عند درجة حرارة معينة وسحقه إنتاج رابط هيدروليكي يصلح للتطبيقات الصناعية، ألا وهو الأسمنت.
وبالرغم من أن هذا الاكتشاف يعود إليه، إلا أنه لم يسجل براءة اختراع عند قيامه بنشر نتائج بحثه.

تمكن جوزيف أسدين الاسكتلدني من إدخال التحسينات على تركيبة الأسمنت التي طورها لويس فيكات، وفي عام ١٨٢٤ حصل على براءة اختراع لنوع من الأسمنت بطيء الشك (التصلب)، أطلق عليه اسم بورتلاند لما يحمله من تشابه مع أحد أنواع الصخور الموجودة في منطقة بورتلاند بجنوب إنجلترا.
وأقيم أول مصنع للأسمنت في فرنسا عام ١٨٦٤ في بلغنيسرمير، وفي عام ١٨٦٨ بدأت لافارچ في إنتاج الأسمنت في تيل بإقليم الأرديش ((أردشي)).
ومع ظهور عمليات جديدة وأكثر سرعة في صناعة الأسمنت، شهدت هذه الصناعة ازدهارا ملحوظا.

قدمت لافارچ للعالم اكتشافين مهمين كانا بمثابة علامة بارزة مضئية في أوائل القرن العشرين:
- ظهور الأسمنت الأبيض على الساحة، وهو نوع من الأسمنت يستخدم في صناعته الكاولين (الصلصال الصيني النقي) بدلا من الطمي، بحيث يتمتع بنفس خاصية المقاومة لدي الأسمنت الرمادي ولكنه يوفر مزايا جمالية أفضل من سابقه.
- اكتشاف أسمنت فوندو (أسمنت فوندو) عام ١٩٠٨ على يد چولز بيد، مدير معمل البحوث في لافارچ. وهذا الأسمنت المصنوع من الحجر الجيري والبوكسيت، يقاوم الظروف البيئية القاسية فضلا عن درجات الحرارة العالية، وهو إضافة إلى ذلك متعدد الاستعمالات حيث يمكن استخدامه كرابط عالي الأداء، أو كمفاعل كيميائي في تطبيقات عديدة ومتنوعة.
ولا تزال لافارچ حتى يومنا هذا في سعي دؤوب نحو تحقيق المزيد من الابتكارات والعمل المستمر لتحسين خواص منتج الأسمنت.